الزائر الكريم: يبدو أنك غير مسجل لدينا، لذا ندعوك للانضمام إلى أسرتنا الكبيرة عبر التسجيل باسمك الثنائي الحقيقي حتى نتمكن من تفعيل عضويتك.

منتديات  

نحن مع غزة
روابط مفيدة
استرجاع كلمة المرور | طلب عضوية | التشكيل الإداري | النظام الداخلي 

العودة   منتديات مجلة أقلام > المنتديـات الثقافيـة > المنتدى الإسلامي

المنتدى الإسلامي هنا نناقش قضايا العصر في منظور الشرع ونحاول تكوين مرجع ديني للمهتمين..

إضافة رد

مواقع النشر المفضلة (انشر هذا الموضوع ليصل للملايين خلال ثوان)
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-05-2006, 08:50 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أحمد الحلواني
أقلامي
 
إحصائية العضو






أحمد الحلواني غير متصل


افتراضي العمل الجماعي

بسم الله الرحمن الرحيم
العمل الجماعي
العمل الجماعي هو العمل المنتظم بإرادة جماعية لتحقيق غاية من الغايات، وأي عمل جماعي لا بد أن يتوفر فيه أمران اثنان، أولاهما : أن يكون الغرض من العمل واضحا محددا، حتى يكون الاندفاع بحماس لتحقيقه، ثانيهما : أن يوجد الدافع عند مجموع الأفراد لتحقيق الغرض من العمل أي توجد إرادة جماعية عند المجموع لذلك، وهذا الدافع يوجد من جراء إيمان الفرد بالفكرة أو الغرض الذي وجد لأجله العمل الجماعي، ومدى قوته في نفسه أو على الأقل وجوده في نفسه، فإذا استكمل العمل الجماعي هذين الأمرين، فإنه يكون عملا منتجا، يحقق الغايات المرسومة له، والأساس فيه هو وجود الاستعداد عند جميع الأفراد الذين يقوم عليهم العمل للخضوع للنظام العام.
والعمل الجماعي لا بد له من قيادة تحركه وتقوده، غير أن القيادة لا تكون إلا فردية، والعمل بحد ذاته يكون جماعيا، ولما كانت القيادة فردية كان لا بد أن تكون الصلاحية لفرد من أفراد هذا العمل، ولا يصح بأي شكل من الأشكال أن تكون لأكثر من فرد، ولم يكن ذلك حاصلا لا شرعا ولا واقعا، حتى النظام الغربي الديموقراطي وإن كان يقوم على نظرية الحكم الجماعي، غير أنه في ظاهره حكم جماعي، ولكنه في جوهره حكم فردي، وبناء على ذلك كان لا بد أن يكون على رأس العمل الجماعي صاحب صلاحية يقوده ويحركه، وأن يكون فردا لا مجموعة، وإن كان القائمون على القيادة أكثر من واحد كان لا بد أن تعطى الصلاحية لواحد منهم لا غير، فيكون هو القائد والمسؤول عن العمل الجماعي ككل، ويكون البقية معاونين ومساعدين له في قيادة العمل، ووجود هذا القائد للعمل الجماعي فرض، وهو حكم شرعي، وليس أسلوبا، فالإسلام أوجب على المسلمين أن يؤمروا على كل عمل جماعي يقومون به أميرا يكون قائدا له، حتى ولو كانوا ثلاثة، كما يفهم من دلالة حديث الرسول صلى الله عليه وسلم برواية عبد الله بن عمر : " لا يَحِلّ لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمّروا عليهم أحدهم ".
وكوْن الإسلام أوجب على المسلمين أن يؤمروا على كل عمل جماعي أميرا فإن ذلك يعني وجوب طاعة هذا الأمير، فالأمير سواء أكان أميراً عامّاً كالخليفة، أو أميراً خاصاً كأمير الحج، وقائد السرية، وأمير الحزب، طاعته واجبة في الشأن الذي أمِّر فيه، لأن طاعة الأمير هي التي تُدخل الناس في الجماعة، وترك طاعته تُخرجهم منها، سواء أكانت هذه الجماعة جماعة المسلمين أو جماعة خاصة كالحزب، حيث ورد في صحيح مسلم عن ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْوِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ ".
على أن فهم معنى العمل الجماعي يحتم وجود سلوك الطاعة ذاتيا، والطاعة أمر أساسي لوجود الانضباط سواء في الدولة أو الأمة أو الحزب وهو من أهم المظاهر التي تدل على الانضباط في العمل الجماعي أو الانضباط العام في الدولة والأمة، ومن أجل ذلك جاء القرآن حاثا على الطاعة في آيات كثيرة بالرغم من وجود الوحي والمعجزات والرسالة وشخصية الرسول، وهي كلها كافية لإيجاد الطاعة، والطاعة التي جاء بها القرآن طاعة يقوم على أساسها كيان الدولة وكيان الأمة وكيان الحزب، وهي في نفس الوقت بيان لخلق الطاعة هذا حين يصبح سجية، أن يكون قياما بواجب الطاعة حين يجب أن تكون وينهى عن القيام بالطاعة حين تكون في معصية، فنجد القرآن حين يوجد سجية الطاعة يقول { وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول } { فاتبعوني وأطيعوا أمري } { واسمعوا وأطيعوا } { ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار } { ومن يطع الرسول فقد أطاع الله } { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم } وقال عليه السلام " وَمَنْ يُطِعْ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي " فالله أمر بالطاعة في هذه الآيات والحديث، أمر بها طاعة مطلقة فقد جاءت طاعة غير مقيدة بقيد، ولكن الرسول حين شرح لهم الطاعة أفهمهم أن المراد بالطاعة هنا الطاعة الواعية لا الطاعة العمياء فقال " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " فالطاعة الواعية هي الطاعة في حدود الإسلام. فحين يشرح معنى الطاعة المطلوبة يتبين أنها الطاعة الواعية ومعناها الطاعة في حدود الإسلام لا الطاعة فيما يقنع فيه الشخص أو يوافق عليه، فالمعنى كونها واعية مدرك أنه يطيع ضمن مبدأ، وهذا هو معنى قوله عليه السلام " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ".
أما حين يطلب الإسلام الطاعة يطلبها مطلقة فيقول " أطيعوا " ولا يقيدها بشيء، ولذلك حين تطلب الطاعة تطلب طاعة مطلقة دون قيد، ويجب أن يفهمها المسلمون حين تطلب منهم أنها طلبت مطلقة، ولكن يتركز في ذهنهم أن معنى هذه الطاعة المطلقة هي الطاعة الواعية أي الطاعة في حدود الإسلام.
كما لا بد أن يتركز في أذهانهم أن التمرد عن طاعة صاحب الصلاحية إثم، فقد روى مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ يَعْصِنِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ يُطِعْ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي "، علاوة على الضرر الفظيع الذي يوجده التمرد عن طاعة صاحب الصلاحية على الكيان وعلى العمل نفسه.
والطاعة تكون لصاحب الصلاحية أو من يعطيه صاحب الصلاحية هذه الصلاحية، سواء كانت كلية كالتفويض مثلا أو جزئية في عمل معين أو جهة معينة، فكما أن صاحب الصلاحية تجب طاعته في حدود ما أُمِّر عليه، فكذلك من يعطيه صاحب الصلاحية هذه الصلاحية تجب طاعته في حدود ما أُمِّر عليه، وذلك كالمستويات القيادية الدنيا التي تكون في التنظيمات، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " وَمَنْ يُطِعْ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي "، فهو وإن لم يكن أميرا، لكنه أخذ الصلاحية من الأمير بقرار منه، وطاعة الأمير في قراراته واجبة، لذلك كانت طاعة من يختاره الأمير قائدا أو مسؤولا عن مجموعة من الجماعة واجبا كذلك.
ومن أهم الأمور التي تجعل العمل الجماعي عملا قويا هو أن يسود الانضباط العام بين جميع أفراد وأجهزة العمل، والمقصود بالانضباط العام هو الانضباط بغاية العمل وبما تقتضيه غاية العمل من أفكار وأساليب يسير بموجبها العمل، والانضباط بحدود الصلاحيات التي يتمتع بها كل مسؤول، وبالتبعات التي يقوم بها كل فرد من أفراد العمل، فلا يصح أن تتداخل الصلاحيات بين المسؤولين كما لا يصح أن يتبادل المسؤولون وأفراد العمل صلاحياتهم وتبعاتهم، فإن حصل شيء من ذلك فإنه يؤدي إلى اضطراب العمل وفقدانه فاعليته وقدرته على التأثير، وربما أدى ذلك إلى توقفه تماما.
والانضباط مفهوم من المفاهيم لا بد أن يوجد عند جميع أفراد العمل الجماعي حتى يظل العمل قويا متماسكا، وعلى القائمين على العمل الجماعي أن لا يتساهلوا في فرض الانضباط على الجميع، فلا يصح أن يكون للاستثناءات مكان في صفوف العمل، وكل تساهل يحدث بالانضباط عند أفراد العمل من شأنه أن يؤسس لإضعافه والقضاء عليه.
كما لا بد من الحفاظ على هيبة العمل وهيبة القائمين عليه، وأن يكون لهم سلطان فكري وتنفيذي له هيبته بين العاملين، وعلى جميع أفراد العمل الجماعي أن يحافظوا على هيبة العمل، وأن لا يقوموا بأي عمل أو تصرف من شأنه أن يسقط هيبة العمل أو يهدر هيبة القائمين عليه.
وحتى لا يحدث تساهل في فرض الانضباط لا بد من تنمية الاستعداد الذاتي لدى الجميع للخضوع للنظام ليظلوا بعيدين عن الروح الفردية، لأن كل من يخشى النظام ولديه استعداد للتمرد على العمل وعنده أنانية الاستثناءات يكون خطرا على العمل وعلى سلامة الانضباط العام فيه، ومن شأنه أيضا أن يحدث إرباكا بين الأفراد وبالتالي إرباكا وفوضى في العمل نفسه.
أما كيفية تنمية الاستعداد الذاتي للأعضاء للخضوع للنظام، فإنه يكون بجعل مفهوم الطاعة مفهوما راسخا عند الجميع، سواء من حيث الشرح والفهم أو من حيث العمل والسلوك، وبعد ذلك فإن من يخالف يتخذ في حقه إجراء حتى يكون ذلك زاجرا لغيره عن التمرد على النظام العام.
لذلك كان لا بد من التفقد الدائم لسير المسؤولين وسير الأفراد في العمل الجماعي، وملاحقة أعمالهم مع الحرص على أن يكون جميع الأفراد عاملين، أي أن يقوم كل فرد من أفراد العمل الجماعي بعمل معين سواء كان ثقافيا أو سياسيا أو تنظيميا أو غير ذلك.
وحتى يظل العمل الجماعي قويا وسائرا في الطريق التصاعدي لا بد أن يمتاز الجهاز الإداري الذي يسير هذا العمل بالقوة والإخلاص ومرونة الحركة وسرعة معالجة المشاكل، وأن يتوافر في أعضائه قابلية الإبداع، وان ينمى هذا الإبداع لديهم، وأن تكون هوية العمل والتنظيم واضحة تماما لدى كل واحد منهم، وأن تكون قد عركتهم التجارب السياسية والتنظيمية.
كما أن للأعضاء النابهين فاعلية حاسمة ودور أساسي لضمان حياة العمل الجماعي واستمرار وجوده، فهم الذين يبعثون الحياة في العمل بما تجسد فيهم من الفكرة، إن كان العمل الجماعي قائما على فكرة مثلا، ويشيعون الحيوية داخل صفوف أفراد العمل الجماعي، وعليهم تقع مسؤولية قيادة العمل، ولا شك أن المواقف العصيبة والأوقات الحرجة مجال أساسي للتعرف على الأعضاء النابهين وإظهار قدراتهم الخلاقة ومقوماتهم القيادية ومدى إخلاصهم واستعدادهم للصمود والتضحية.
ولا بد أن تشيع بين أفراد العمل قيم رفيعة تستأهل التضحية للعمل، وأولى هذه القيم هو طلب رضوان الله تعالى، واستمداد العون منه، كما لا بد أن يشيع بين أفراد العمل الإيمان بالمعتقد وتحمل المسؤولية وقوة الإرادة والصلابة، والنضالية والتحدي، كما أن الإسلام ندب للمسلمين الثبات والصلابة وعدم التنازل ولو أدى ذلك إلى القتل، وعلمهم أيضا العزة والإيثار المنقطع النظير، ولا بد أن تكون هذه القيم مسيطرة على الجو العام لدى أفراد العمل الجماعي، وأن تكون عرفا عاما راسخا، وقيما رفيعة يحرص على وجودها، ويبالغ في الحفاظ عليها.
والعمل الجماعي عمل بشري، ومن الطبيعي أن تحدث هناك أخطاء وأن يقع الجميع في هذه الأخطاء، فكل من يعمل يخطئ، لذلك كان حدوث الخطأ طبيعيا، ولكون العمل الجماعي عملا بشريا يحدث فيه أخطاء، شرعت المحاسبة في الإسلام، فليس معنى وجوب طاعة الأمير ولو قصر ولو ظلم أو أخطأ، السكوت عليه، بل معنى ذلك هو طاعته مع وجوب محاسبته على أعماله هو وكل من تجب طاعته من القائمين على العمل الجماعي، فإذا كان الأمير العام كالخليفة أو الحاكم تجب محاسبته، فكذلك الأمير الخاص تجب محاسبته، والمحاسبة تكون في حدود الأمر المشترك بين الجماعة.
وكما تجب محاسبة القائمين على العمل من قبل من هم مسؤولون عنهم إذا أخطأوا أو قصروا، كذلك تجب محاسبة الأفراد من قبل مسؤوليهم على أخطائهم أو تقصيرهم، وأن يكون كل ذلك في حدود الأمر المشترك بين الجميع.
على أنه يجب التفريق بين المحاسبة وبين التدخل في أعمال صاحب الصلاحية _أي الأمير أو أي مسؤول في الجماعة_ فالمحاسبة مطلوبة لتقويم الخطأ أو لتفادي التقصير أو لتقويم النظرة للعمل، أما التدخل في أعمال صاحب الصلاحية، فهذا ممنوع، ذلك أن صاحب الصلاحية يقود العمل بما أداه إليه اجتهاده هو، فهو يعمل برأيه هو لا برأي غيره، وإن أخذ برأي غيره وعمل به، فإنه لا يعمل به إلا بعد قناعته به، أي أن رأي غيره أصبح رأيه هو، فهو يعمل برأيه بدون شك، وكون صاحب الصلاحية قد اختاره أفراد الجماعة، فإنهم قد اختاروه ليسير بهم برأيه، فهم اختاروه لقوة شخصيته ورجاحة رأيه وقدرته على تسيير شؤون عملهم، وكونهم هم الذين اختاروه فإن ذلك يجعلهم يسيرون معه في عمله برأيه، ومحاسبته إنما تكون على تقصيره أو خطئه أو ظلمه، أما أعماله وإجراءاته فينظر، فإن أحدثت خطأ أو أوقعت ظلما أو تقصيرا، فإنه يحاسب عليها، وإن كان غير ذلك فإنه يكون تدخلا في أعماله، وهذا ممنوع.
فلا يقال مثلا لماذا اختار فلانا ولم يختر علانا، أو لماذا فعل كذا ولم يفعل كذا.. إلخ، فإن كل ذلك يعد تدخلا في أعماله، والتدخل في أعمال صاحب الصلاحية لا يصح، لأن صاحب الصلاحية هو الأدرى بالأعمال، والأصل فيه أنه الأعلم بمن يصلح لها، فهو الذي يشرف على العمل كله، وهو المحيط به وبكلياته وجزئياته، وكون مجموع الأفراد اختاروه فهم يكونون قد فوضوه في إدارة وقيادة العمل، لذلك لا يصح التدخل في عمله بأي شكل من الأشكال، علاوة على ما يحدث ذلك من إرباك في العمل، وكشف لما لا يصح أن يكشف، وإحداث ضرر كبير بالعمل، وتعريض أفراد العمل لأن يخوضوا فيما لا يعرفون، ولأن يثيروا مناقشات قد تضر بالعمل.
والعمل الذي يراد أن يكون له تأثير في تحريك المجتمع نحو النهضة لا بد أن يكون حركة جماعية أي تكتلا حزبيا قائما على فكرة منهضة تتجسد في أفراد، فتكون تلك الفكرة هي بمثابة الروح لتلك الكتلة يستند إليها ليتصل بها العمل من أجل غاية محددة، وبذلك تتميز عن باقي المجتمع باستنادها إلى قاعدة ثابتة وهي اتصال الفكر بالعمل من أجل الوصول إلى غاية محددة، ويكون واقع المجتمع هو موضع تفكيرها لا مصدره، ونتيجة لتجسد المبدأ واتخاذ القاعدة العملية يوجد الجو الإيماني الثابت الذي يساعد الكتلة أو الحزب على الصمود أمام الهزات، كما يكون ذلك الجو الإيماني مساعدا على إخضاع الواقع وتغييره مهما بلغ ذلك الواقع من سوء، ومهما تلبدت به الأجواء وكثرت به المحن والابتلاءات. ذلك أن الفكر الذي تحمله الحركة الجماعية يشكل ما يمر به بشكله هو ولا يتشكل بشكل ما يمر به ويفرض نفسه بالتالي على المجتمع فيصبح فاعلا لا منفعلا فيه.
والعمل الجماعي القائم على أساس مبدئي لا بد من ايلائه الأهمية القصوى للفكرة التي يقوم على أساسها ويتبناها، حتى يبقى واضح الفكرة ليكون تأثيره جماعيا، أي ليكون تأثيره في المجتمع لصفته كيانا لا كأفراد في كيان.
والعمل الجماعي القائم على أساس مبدئي لا بد لبقائه متماسكا أن تكون العقيدة الراسخة والثقافة الحزبية الناضجة هي الرابط بين أعضائه، واعتبار من ينحرف عنها خارجا عن العمل حتى لا يظل اسما فيه، ويلزم لبقاء العقيدة قوية وراسخة والثقافة منضجة لأعضاء الحزب دوام الدراسة للفكر ليبقى العقل ذو تكوين خاص، وليتم المحافظة على اتصال الفكر بالشعور حتى يبقى الجو الإيماني مخيما على الحزب جماعيا، ويكون الجامع للحزب الإيمان بالمبدأ والثقافة والفكر العميقين، فتكون بذلك الرابطة بين أعضاء الحزب متينة والإعداد صحيحا يوفر القدرة على الثبات أمام الهزات.
والعمل الجماعي الذي يراد له التأثير في نهضة الأمة كما لا بد له من وجود كتلة يتسم أعضاؤها بعمق التفكير واستنارته ليكونوا قادرين على النظر لوقائع الحياة وإنزال فكرهم عليها، يلزمهم من باب أولى أن يبتعدوا عن الغوص في النظريات وأن يوضع حاجز كثيف بين عقولهم وبين الناحية العلمية حتى لا تتجه الثقافة الحزبية اتجاه الثقافة المدرسية العلمي فيتم فقدان التأثير تدريجيا على المجتمع لعدم مواكبة ما يحيط به أو يجري داخله، وبعد أن يكون فاعلا أو قريبا من التأثير على العلاقات يصبح خارج حياة المجتمع.
والعمل الجماعي حركة دائبة تنتقل في كل ناحية من نواحي المجتمع وفي كل جزء من أجزاء البلاد، وذلك لوجود الإحساس والشعور بكل ما يحصل في المجتمع ويؤثر فيه، وهذه الحركة الدائبة هي التي تشيع الحيوية وتحفز على النمو في إيجاد التأثير وهي التي تؤشر إلى ضرورة الانتقال إلى طور آخر من أطوار العمل من أجل إنهاض المجتمع.
إن العمل الجماعي ونجاحه يقاس بقدرة الحركة الجماعية على إثارة الناس على النظام القائم، ونجاحها في حثهم على إظهار سخطهم عليه جراء تصرفاته المتتابعة والتي لا بد أن تمس مبدأ الحركة والذي يجب أن يصبح المساس به محركا للناس، مما يؤشر على نجاح تأثير فكر الحركة الجماعية في الأمة، وإذا ما انتقلت الكتلة إلى التأثير الأعمق في العلاقات السائدة بين الناس فإنها ستتمكن من قيادتهم فعليا وبذلك لن يكون بينها وبين الحكم إلا استكمال تجميع القوى لأخذه أو تسلمه من الناس.
والعمل الجماعي القائم على أساس مبدئي لا يحكم عليه دون فهم الواقع الذي كان عليه المجتمع فكرا وميولا حين يبدأ في السير الجاد لتغيير ذلك المجتمع، وفهم الحال الذي وصل إليه المجتمع حين التقييم، وذلك فإن الذي يستطيع الحكم على واقع ما أحدثه ذلك العمل الجماعي من أثر في المجتمع هو مفكر قادر على النظر والمقارنة، أو من يتمتع بإحساس فكري ولا تسيطر عليه مسائل قياس الإنسان على الآلة أو الأشياء المادية في تحولاتها وما يؤثر عليها.
والعمل الجماعي لا بد من وجود أفراد نابهين به، وكلما كثر أولئك الأفراد كانت القدرة على السير بالتنظيم أفضل، والأفراد النابهين كذلك تتجلى نباهتهم في قدرتهم على التعامل مع الناس والتفاعل معهم والتأثير فيهم وحثهم على القيام بالأعمال، وبالتالي أخذ قيادتهم، وهم يتمتعون بذلك بفن الاتصال بالناس لجذبهم لصالح العمل وتحويل قدراتهم للتأثير في واقع العلاقات.






 
رد مع اقتباس
قديم 17-05-2006, 12:47 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ياسر أبو هدى
أقلامي
 
الصورة الرمزية ياسر أبو هدى
 

 

 
إحصائية العضو







ياسر أبو هدى غير متصل


افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخي الكريم( احمد الحلواني)

جزاك الله خيرا على هذا الشرح الوافي والكافي للعمل الجماعي وثماره

الطيبة والتي نتمنى ان تتحقق في وقتنا هذا

ولكن تاطيره باطار الحزبية لا اوافقك عليه وعذرا على هذا القول مني

لاني استشفيت من كلامك تقسيم المسلمين على ثلاثة اقسام

فكر عميق مستنير

وفكر عميق

وفكر سطحي !!!

واكيد تقصد بالفكر المستنير هم قادة الاحزاب او الحزب الواحد كحزب التحرير

والفكر العميق تقصد به اعضاء الحزب

والفكر السطحي بنظركم هم عوام الناس الذين ليس منتمين الى حزبكم !!!

مع العلم يوجد علماء كثر على الساحه لم يعترفوا باي حزب وهم اعلم من رموز حزبكم

لذا فانا اوافقك على ماطرحت من العمل الجماعي والسمع والطاعة للخليفة او من ينوب عنه

وان الجماعة افضل من الفرقه والتشرذم

وان العمل الجماعي ثماره اعظم من العمل الفردي فكل ذلك اوافق عليه

وان شاء الله يتحقق ذلك

ولكن هذا التقسيم الذي اشرت اليه من خلال كلامك لا اظنه صحيح

لانه يوجد ناس كثيرين في غير الحزب اعلم من المنتسبين للحزب ومع هذا

تنظرون اليهم انهم سطحيين. وان كنت أنت لاتقول بذلك فغيرك من جماعة الحزب يقولون به

ومن خلال قرائتي لافكار الحزب وتو صياته لاتباعهم كلهم او معظمهم نظرتهم واحده للمجتمع

العامي كانهم ناس اغبياء هكذا احسست من خلال ماوقع بيدي من كتب

نظرتهم للناس اي الحزب وافراده . انهم يرون الناس اقل منهم ادراكا واقل منهم فكرا!!!

ويرفضون اي شيء وان كان صحيحا. يخالف ماعليه مقررات الحزب

وهذا هو سبب عدم تقدم الحزب للوصول لغايته المنشودة ( اقامة الدولة الاسلامية)

واعتقد ان الغاية التي ينشدها الحزب هي غاية كل مسلم مؤمن بالله

ولست ضد الغاية . ولكني ضد الوسيلة التي يسلكها المتحزبون للوصول للغاية

لاني اعلم جيدا ان الغاية ممدوحة ولكن الوسيلة للوصول لها غير صحيحة ولا اعني كل الوسائل

بل اقصد بعضها. وكما ذكرت انت "ان الخطاء وارد على الفرد والجماعة"

واعتقد لو اننا بمجموعنا كان ولائنا وبرائنا للشرع وحده ماتفرقنا ولا تخالفنا مع بعض

كما هو مشاهد على ارض الواقع المرير الذي نمر به والسبب نحن وليس اعدائنا في هذه الفقرة

ولك مني اطيب تحية واحلا سلام ودمت بود

اخوك ياسرررر







التوقيع



nawras_68@yahoo.com
 
رد مع اقتباس
قديم 17-05-2006, 08:22 PM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أحمد الحلواني
أقلامي
 
إحصائية العضو






أحمد الحلواني غير متصل


افتراضي

(ولكن تاطيره باطار الحزبية لا اوافقك عليه وعذرا على هذا القول مني

لاني استشفيت من كلامك تقسيم المسلمين على ثلاثة اقسام

فكر عميق مستنير

وفكر عميق

وفكر سطحي !!!

واكيد تقصد بالفكر المستنير هم قادة الاحزاب او الحزب الواحد كحزب التحرير

والفكر العميق تقصد به اعضاء الحزب

والفكر السطحي بنظركم هم عوام الناس الذين ليس منتمين الى حزبكم !!!)
أخي العزيز ياسر شكرا لك على اهتمامك بالموضوع وقراءتك له، ساءلا المولى عز وجل أن ينفعنا بما علمنا، وأن يكون هذا العمل للعمل وليس لمجرد العلم .. آمين
لكني حقيقة استغربت من عبارتك هذه التي وردت في تعليقك على الموضوع، فأنا لم أتطرق إطلاقا في البحث كله إلى هذا التقسيم، وهذا تقسيم للفكر وليس للناس ولا أقبل أن يكون هذا التقسيم للناس، لأن التفكير عن الناس وحتى عند اهل العلم متفاوت، فقد يأتي بعض العوام بفكرة مستنيرة لم يأت بها أكثر الناس علما وتعلما، وهذا واقع نعيشه ونحياه.
والحقيقة أخي الكريم أن هناك أخطارا تواجه العمل الجماعي لم أتطرق إليها في البحث، وحيث أنك أشرت إلى أحدها كان لا بد من التعليق عليه، وأقصد به الخطر الطبقي وهو تصور أن أعضاء العمل الجماعي أكثر وعيا وإخلاصا من غيرهم في المجتمع، وهذا قد يحدث في أفراد العمل الجماعي، وربما حدث فعلا، لكنه حقيقة خطر ماحق على العمل الجماعي، لأن هذا من شأنه أن يكون أفراد العمل الجماعي منفصلين عن الأمة، ويقضي على الالتحام بالجماهير، ويبعد هذه الجماهير عن الدعوة، وإذا ما حصل ذلك فإن العمل الجماعي حينها سينهار ويفشل؛ لذلك كله كان لا بد من التحذير من هذا الخطر وما يجره على العمل الجماعي من كوارث، وكما قلت لك فإنه قد يحصل عند بعض أفراد العمل الجماعي لكنه يعالج والخطر كل الخطر في أن يتحول إلى ظاهرة داخل العمل الجماعي فحينها لا ينفع العلاج.
مع الشكر الجزيل لك مرة أخرى







 
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فضل العلم والعلماء("الناس موتى وأهل العلم أحياء" ) ياسر أبو هدى المنتدى الإسلامي 31 31-01-2010 03:57 PM
ثنائية الفلسفة والأدب أطوار الحداثة وإشكالية المعرفة الأدبية صباح حسني منتدى الحوار الفكري العام 5 22-03-2009 02:14 PM
عن الصوفية أقول د.أيمن الجندي المنتدى الإسلامي 50 16-03-2009 02:35 PM
خبر الواحد لا يفيد العلم ولا يؤخذ في العقائد كتاب كامل معاذ محمد المنتدى الإسلامي 9 13-05-2006 02:29 AM
إعادة الكتابة وتعديل العمل الأدبي بين الناقد والأديب القارئ خالد جوده منتدى البلاغة والنقد والمقال الأدبي 2 07-03-2006 09:34 AM

الساعة الآن 05:22 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع المواضيع والردود المنشورة في أقلام لا تعبر إلا عن آراء أصحابها فقط